تحديد جنس المولود قبل الحمل بين العلم والمطلب الاجتماعي والرأي الشرعي

منذ مئات او حتى الاف السنين والعالم يبحث عن طريقة لتحديد جنس المولود قبل الحمل وذلك حسب رغبة الاهل وحسب الظروف التي يعيشها الافراد , وحسب العادات والمعتقدات التي يعيشها المجتمع.

ويروى ان الاغريق والفراعنة سعوا لتحديد جنس المولود حسب اعتقادهم بان الاجنه الذكور مختزنة بالجهة اليمنى للرجال في حين تحتل الاجنه الاناث الجهة اليسرى فكانوا يربطون على الخصية اليسرى خلال فترة الجماع لمنع تكون الاناث , وحتى ان اطباء فرنسين في القرن الثامن عشر كانوا يقومون باستئصال الخصية اليسرى للرجال الذين لا يريدون انجاب اناث.

اما من الناحية العلمية فالمعروف ان جنس الجنين يتحدد بنوع الكروموسوم الذي يحملة الحيوان المنوي فاذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكروموسوم الانثوي X  مع البويضة والتي هي دائما حاملة للكرموسوم الانثوي X ، فان هذا الاتحاد هو جنين انثى ( XX ) ، واذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكرموسوم الذكري Y مع البويضة  X  فان الناتج يكون ذكراXY

ومن خلال هذة القاعدة العلمية حاول الكثير ابتكار طرق متعددة للتأثير على نوع الحيوان المنوي الذي يقوم بتلقيح البويضة , وبذلك محاولة تحديد جنس المولود قبل الحمل

فكان هناك عدة محاولات وطرق نذكر منها على سبيل المثال:

النظام الغذائي :

 

يعتقد البعض ان تناول الاغذية الغنية بالكالسيوم كالحليب ومشتقاتة , والتقليل من الاغذية التي تحتوي على مادة الصوديوم والبوتاسيوم كالملح والقمح وغيره يزيد من فرص انجذاب الحيوان المنوي الانثوي وبالتالي يكون التلقيح انثى والعكس ، ولكن لايوجد اي دراسه علمية لاثبات ذلك , وانما كل ذلك اجتهادات لا اساس علمي لها

توقيت الجماع :

 

ومن الطرق التقليدية الاخرى توقيت الجماع وقد حاول البعض اثبات ذلك من خلال  دراسة علمية اجريت في بريطانيا الا انهم لم يستطيعوا اثبات صحة هذه النظرية على اساس ان الحيوان المنوي الذكري خفيف الوزن وسريع الحركة ويعيش فترة قصيرة من الزمن بالمقارنة مع الحيوان المنوي الانثوي , فاذا حدث الجماع مباشرة بعد الاباضة تكون النسبة اعلى لانجاب ذكر وايضا لم تثبت اي من الدراسات صحة  هذة النظرية ,بل على العكس هناك بعض الدراسات اثبتت عكس هذة النظرية تماما

الوسط القاعدي والحامضي للمهبل :

وهناك طرق اخرى كفكرة الوسط القاعدي والحامضي للمهبل عن طريق اجراء الغسولات  المهبلية , وهناك من يدعي ان بعض الاوضاع الجنسية لها علاقة بالموضوع , وهناك من يدعي ان النساء اللاتي  ياخذن  سعرات حرارية عالية , فانهن بالغالب يلدن ذكورا وغيرها من الاقتراحات الكثيرة , الا اننا نؤكد على انه لا يوجد في الطب اي دراسة حقيقية وذات مصداقية تثبت صحة اي من هذة الطرق , وتبقى جميعها اجتهادات شخصية

مع التذكير بان نسبة انجاب الذكور هي اصلا 51% ونسبة انجاب الاناث هي 49% بشكل عام , ولكن معدل اعمار الذكور اقل  ونسبة وفياتهم وقت الولادة اكثر من الاناث وبالتالي يكون العدد متساويا (50%لكل منهما)في المجتمع

اما من الناحية الطبية الحديثة فان هنالك طريقتين فقط لتحديد جنس المولود نوجزهما بما يلي :

فصل الحيوانات المنوية الذكرية عن الانثوية:

 

 وتعتمد هذة الطريقة على تنشيط المبايض عند الزوجة , واحذ عينة من الرجل بحيث يتم فصل الحيوانات المنوية الذكرية عن الانثوية , وتكون نسبة نجاح الفصل تقارب  70_80% وبالتالي نقوم بحقن السائل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات المنوية الذكرية  (70_80-%) اذا كان الهدف انجاب ذكر

وبالرغم من ان الفصل قد يصل الى 80% والمنطق يقول بان فرص انجاب ذكر يجب ان يكون (70_80%) الا ان نسبة نجاح هذة الطريقة بانجاب الجنس المرغوب لاتصل الى هذا الرقم ، وحتى ان هناك تحفظات من بعض المراكز على صحة ودقة هذة الطريقة وكثير من المراكز لا تنصح باستخدامها .

فحص الاجنة :

 

هي الطريقة الامثل فهي ما يعرف بفحص الاجنة في حالة اطفال الانابيب قبل ارجاعها , ونسبة النجاح قد تصل الى 100%بتحديد جنس المولود اذا حصل الحمل

وباختصار فان ما يتم هو تنشيط المبايض عند المراة ثم يتم سحب البويضات وتلقيحهافي المختبر وفي المرحلة التي تصل فيها البويضة الملقحة الى 8خلايا يتم سحب بويضة منها وعمل تحليل كروموسومي وبالتالي معرفة الجنين اذا كان انثى (  XX ) او ذكر( XY ) ويتم بعد ذلك ارجاع اجنة الجنس المرغوب هذة هي الطريقة العلمية تماما وكما قلت سابقا تكون نسبة النجاح بتحديد جنس المولودقرابة 100%

ويجب ان نذكر هنا بان هنالك جدل كبير على مثل هذا الاجراء من ناحية قانونية واخلاقية وحتى دينية , بحيث اذا عمم مثل هذا الاجراء فانة مع تقدم الزمن قد يحصل عدم توازن في تركيبة المجتمع , في نفس الوقت يقول البعض ان من الحق العائلات التي لديها ابناء من جنس واحد محاولة التوازن الطبيعي واستخدام كل ما هو متوفر علميا للحصول على الجنس الاخر واحداث التوازن الاجتماعي

كما علينا ان نتذكرانة مهما اختلفنا في هذا الراي الا انة من الناحية الطبية فان تحديد جنس المولود لة استخدامات طبية عديدة ومنها تشخيص بعض الامراض الوراثية كمرض الهيموفيليا ومرض ضمور العضلات الذي يصيب الذكور  فقط وبالتالي فان العائلات التي تعاني من هذا المرض قد يتم ضمان عدم حصوله اذا تم الحمل عن طريق اطفال الانابيب وتحديد الجنس وهناك عددا كبير من الامراض يمكن تجنبها باستخدام هذة التقنية

وانقسم رأي الدين في هذا الموضوع بين مؤيد لاستخدام العلم الذي وهبنا الله اياه لتحديد جنس المولود شريطة عدم الانقاص او التقليل من دور وشأن المراة ، وبين متحفظ لمثل هذا الاجراء ، واشترطة ان يكون مربوطا بعدد معين من الجنس الواحد ( اكثر الاراء تقول 3 فأكثر ) فان الشرع يسمح بعد ذلك بمحاولة لتحديد جنس المولود الرابع ، وهناك بعض الاراء التي ترى في ذلك محاوله للتدخل في مشيئة الله ، وبالتالي قاموا بتحريم هذا الاجراء نهائيا

واخيرا  نقول ان هذا الموضوع لا يجب ان يترك دون قبود او شروط  فيجب استخدامة للحد من الامراض الوراثية , اما عدا ذلك فيجب دراسة كل حالة على حدا طبيا واجتماعيا واخد الراي الشرعي فيها قبل البدء بمثل هذا البرنامج , ولا ننسى انة مهما عملنا فلا شئ يحدث دون ارادة اللة تعالى فمع اننا نستطيع تحديد جنس البويضة الملقحة قبل ارجاعها بنسبة 100%الا اننا لا نستطيع ضمان نجاح الحمل في حالة اطفال الانابيب . فاذا كانت مشيئة اللة بعدم انجاب هذا الجنس فان الحمل لن ينجح .

 

        الدكتور رامي محافظة                      

استشاري نسائية وتوليد وعقم                

استشاري الجراحة البولية والتهبيطات النسائية

Leave a reply